مجلة كشف الحقائق الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري
الأحد يوليو 23, 2023 6:02 am
إنّ ثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت لتأدية واجب عظيم هو إعادة الإسلام والمجتمع الإسلامي إلى الخطّ الصحيح أو الثورة ضدّ الانحرافات الخطيرة في المجتمع الإسلامي. وهذا ما يتمّ بالثورة وعن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل هو مصداق عظيم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد تكون نتيجتها إقامة الحكومة، وقد تكون الشهادة، وقد كان الإمام الحسين عليه السلام مستعدّاً لكلتا النتيجتين. وقد انتخبت بعض أقوال أبي عبد الله عليه السلام وكلّها تشير إلى هذا المعنى:
1- عندما استدعى والي المدينة (الوليد) الإمام الحسين عليه السلام ليلاً وقال له: إنّ معاوية قد مات وعليك بمبايعة يزيد، فردّ عليه الإمام عليه السلام: "نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة" وعند الصباح عندما لقي مروان أبا عبد الله عليه السلام طلب منه مبايعة يزيد وعدم تعريض نفسه للقتل، فأجابه الإمام عليه السلام: "إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الاُمّة براع مثل يزيد". فالقضيّة ليست شخص يزيد، بل مثل يزيد، ويريد الإمام الحسين عليه السلام أن يقول: لقد تحمّلنا كلّ ما مضى، أمّا الآن فإنّ أصل الدِّين والإسلام والنظام الإسلامي في خطر إشارةً إلى أنّ الانحراف خطر جدّي، فالقضيّة هي الخطر على أصل الإسلام.
2- في وصيّته إلى أخيه محمّد بن الحنفيّة عند خروجه من مكّة يقول الإمام عليه السلام: "وإنّي ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنّما خرجت اُريد الإصلاح في أمّة جدّي" أي اُريد الثورة لأجل الإصلاح لا للوصول إلى الحكم حتماً أو للشهادة حتماً... ثمّ يقول عليه السلام: "اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي". والإصلاح يتمّ عن هذا الطريق، وهو ما قلنا إنّه مصداق للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3- عندما كان الإمام عليه السلام بمكّة، بعث بكتابين، الأوّل إلى رؤساء البصرة والثاني إلى رؤساء الكوفة، جاء في كتابه إلى رؤساء البصرة: "وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، فإنّ السنة قد اُميتت والبدعة قد اُحييت، فإن تسمعوا قولي أهديكم إلى سبيل الرشاد". أي يريد الإمام الحسين عليه السلام تأدية ذلك التكليف العظيم وهو إحياء الإسلام وسنّة النبي صلّى الله عليه وآله. وجاء في كتابه إلى رؤساء الكوفة: "فلعمري ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائر بالحقّ والحابس نفسه عن ذات الله، والسلام" أي بيّن الإمام عليه السلام هدفه من الخروج، وكان الإمام عليه السلام يخاطب الناس في كلّ منزل ينزل فيه بعد خروجه من مكّة.
4- عندما ( واجه الحسين عليه السلام جيش الحرّ ) وسار بأصحابه في ناحية والحرّ ومن معه في ناحية حتّى بلغ "البيضة". خاطب الإمام عليه السلام أصحاب الحر، فقال: "أيّها الناس إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحُرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله". فالنبي صلّى الله عليه وآله بيّن ما يجب عمله إذا انحرف النظام الإسلامي، وقد استند الإمام الحسين عليه السلام إلى قول النبيّ صلّى الله عليه وآله هذا.
5- لمّا نزل بـ "الغريب" التحق به أربعة نفر، فقال لهم الإمام عليه السلام: "أمّا والله إنّي لأرجو أن يكون خيراً ما أراد الله بنا قُتلنا أم ظفرنا". وهذا دليل على قولنا عندما قلنا لا فرق سواء انتصر أو قتل، يجب أداء التكليف.
6- في أوّل خطبة له عليه السلام عند نزوله بكربلاء، يقول عليه السلام: "وقد نزل بنا من الأمر ما قد ترون" إلى أن يقول: "ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به وإلى الباطل لا يُتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقّاً..." إلى آخر الخطبة. إذن ثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت تأدية لواجب وهو عبارة عن وجوب الثورة على كلّ مسلم حال رؤية تفشّي الفساد في جذور المجتمع الإسلامي بحيث يخاف من تغيير كلّي في أحكام الإسلام، وكانت الظروف مواتية، وعلم بأنّ لهذه الثورة نتيجة، وليس شرطاً البقاء حيّاً وعدم القتل وعدم التعرّض للتعذيب والأذى والمعاناة. إنّ الإمام الحسين عليه السلام قد علّم التاريخ الإسلامي درساً عمليّاً عظيماً، وضمن بقاء الإسلام في عصره وسائر الأعصار. فأينما وجد مثل هذا الفساد، كان الإمام الحسين عليه السلام حيّاً حاضراً هناك يعلّمنا باُسلوبه وفعله ما يجب علينا عمله. لهذا يجب أن يبقى إسم الحسين عليه السلام حيّاً وتبقى ذكرى كربلاء حيّة؛ لأنّ ذكرى كربلاء تجعل هذا الدرس العملي نصب أعيننا.
* الإمام السيد علي الخامنئي حفظه الله
مقالات مرتبطة
1- عندما استدعى والي المدينة (الوليد) الإمام الحسين عليه السلام ليلاً وقال له: إنّ معاوية قد مات وعليك بمبايعة يزيد، فردّ عليه الإمام عليه السلام: "نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة" وعند الصباح عندما لقي مروان أبا عبد الله عليه السلام طلب منه مبايعة يزيد وعدم تعريض نفسه للقتل، فأجابه الإمام عليه السلام: "إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الاُمّة براع مثل يزيد". فالقضيّة ليست شخص يزيد، بل مثل يزيد، ويريد الإمام الحسين عليه السلام أن يقول: لقد تحمّلنا كلّ ما مضى، أمّا الآن فإنّ أصل الدِّين والإسلام والنظام الإسلامي في خطر إشارةً إلى أنّ الانحراف خطر جدّي، فالقضيّة هي الخطر على أصل الإسلام.
2- في وصيّته إلى أخيه محمّد بن الحنفيّة عند خروجه من مكّة يقول الإمام عليه السلام: "وإنّي ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنّما خرجت اُريد الإصلاح في أمّة جدّي" أي اُريد الثورة لأجل الإصلاح لا للوصول إلى الحكم حتماً أو للشهادة حتماً... ثمّ يقول عليه السلام: "اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي". والإصلاح يتمّ عن هذا الطريق، وهو ما قلنا إنّه مصداق للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3- عندما كان الإمام عليه السلام بمكّة، بعث بكتابين، الأوّل إلى رؤساء البصرة والثاني إلى رؤساء الكوفة، جاء في كتابه إلى رؤساء البصرة: "وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه، فإنّ السنة قد اُميتت والبدعة قد اُحييت، فإن تسمعوا قولي أهديكم إلى سبيل الرشاد". أي يريد الإمام الحسين عليه السلام تأدية ذلك التكليف العظيم وهو إحياء الإسلام وسنّة النبي صلّى الله عليه وآله. وجاء في كتابه إلى رؤساء الكوفة: "فلعمري ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائر بالحقّ والحابس نفسه عن ذات الله، والسلام" أي بيّن الإمام عليه السلام هدفه من الخروج، وكان الإمام عليه السلام يخاطب الناس في كلّ منزل ينزل فيه بعد خروجه من مكّة.
4- عندما ( واجه الحسين عليه السلام جيش الحرّ ) وسار بأصحابه في ناحية والحرّ ومن معه في ناحية حتّى بلغ "البيضة". خاطب الإمام عليه السلام أصحاب الحر، فقال: "أيّها الناس إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحُرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله". فالنبي صلّى الله عليه وآله بيّن ما يجب عمله إذا انحرف النظام الإسلامي، وقد استند الإمام الحسين عليه السلام إلى قول النبيّ صلّى الله عليه وآله هذا.
5- لمّا نزل بـ "الغريب" التحق به أربعة نفر، فقال لهم الإمام عليه السلام: "أمّا والله إنّي لأرجو أن يكون خيراً ما أراد الله بنا قُتلنا أم ظفرنا". وهذا دليل على قولنا عندما قلنا لا فرق سواء انتصر أو قتل، يجب أداء التكليف.
6- في أوّل خطبة له عليه السلام عند نزوله بكربلاء، يقول عليه السلام: "وقد نزل بنا من الأمر ما قد ترون" إلى أن يقول: "ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به وإلى الباطل لا يُتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقّاً..." إلى آخر الخطبة. إذن ثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت تأدية لواجب وهو عبارة عن وجوب الثورة على كلّ مسلم حال رؤية تفشّي الفساد في جذور المجتمع الإسلامي بحيث يخاف من تغيير كلّي في أحكام الإسلام، وكانت الظروف مواتية، وعلم بأنّ لهذه الثورة نتيجة، وليس شرطاً البقاء حيّاً وعدم القتل وعدم التعرّض للتعذيب والأذى والمعاناة. إنّ الإمام الحسين عليه السلام قد علّم التاريخ الإسلامي درساً عمليّاً عظيماً، وضمن بقاء الإسلام في عصره وسائر الأعصار. فأينما وجد مثل هذا الفساد، كان الإمام الحسين عليه السلام حيّاً حاضراً هناك يعلّمنا باُسلوبه وفعله ما يجب علينا عمله. لهذا يجب أن يبقى إسم الحسين عليه السلام حيّاً وتبقى ذكرى كربلاء حيّة؛ لأنّ ذكرى كربلاء تجعل هذا الدرس العملي نصب أعيننا.
* الإمام السيد علي الخامنئي حفظه الله
مقالات مرتبطة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى